الجمعة، 24 أكتوبر 2008

إن تحدثوا... فلا حديث بعدهم / د. سامي ناصر خليفة

د. سامي ناصر خليفة




نشكر السادة طلبة العلوم الدينية على تصديهم لإصدار بيان وضعوا فيه النقاط على الأحرف، مطالبين الحكومة والمجلس بإقرار اقتراح قانون يعيد الحقوق المدنية والقانونية لشريحة المواطنين من فئة «البدون»، فلا حجّة أقوى من حجتهم ولا مكانة علمية تضاهي مكانتهم، ولا دور اختصاصياً يتعلق بالعدل والظلم أو الحق والباطل كدورهم في تشخيص ذلك، بل أحسب أنهم إن اجتمعوا على أمر ففيه الخلاص ورأيهم حجة على الجميع. فلا كلام بعد كلامهم ولا رأي بعد رأيهم سوى الطاعة لما ذهبوا إليه والامتثال لما قرروا به والتسليم لما طالبوا به. فما بالك إن كان هؤلاء العلماء خليطا من السنّة والشيعة كافة، ومن الخطباء ومن الفقهاء، ومن فرزة المجتمع وجل عناوينه الاجتماعية وأطيافه الفكرية، فحتماً سيكون الأمر مختلفا تماماً، ولا أجد للحكومة والمجلس اليوم سوى التسليم المطلق والرضوخ الفوري لإرادة هؤلاء. فهم من علينا جميعاً احترام رأيهم، خصوصاً إذا اجتمعوا على أمر فيه مصلحة المجتمع والرعية.
..
لقد أثلج البيان صدورنا، ليس فقط لأنه جاء نصرة للعدل ووقوفاً أمام الظلم فقط، بل لأنه دفع أهل الاختصاص وأصحاب الدراية والعلم إلى التصدي للشأن العام، وهو ما يجعلنا نطمئن ونسلم لهذا التصدي الذي أحسب أنه يملك مقومة أن يتبعه الناس بأريحية، خصوصاً أن التصدي الجمعي للعلماء بمختلف أطيافهم وتعدد مشاربهم فيه إشارة إلى ما اجتمعت عليه الأمة من مصالح استراتيجية عامة. ومجرد أن يتم تفعيل الأمور المشتركة بين الجميع وبتلك الصورة، فإنها في نظري بداية السير في الاتجاه الصحيح.فالتعاون على تفعيل المشتركات فيه الكثير من الإيجابيات المتعلقة بالمصلحة العامة، ومنها أنها ستمهد لأرضية يمكن من خلالها إزالة الرواسب العالقة سابقاً وتمكن من خلق موقع يتوافر فيه المناخ الإيجابي لمشاريع أضخم وتطلعات أكبر، وهو ما نبتغيه بصراحة من هؤلاء السادة العلماء. وأحسب أنهم إن تركوا الساحة وركنوا في مواقعهم العلمية ومواقع التدريس وغيرها وأصبحوا متفرجين كغيرهم، فإنه من الطبيعي أن يشغل الفراغ غيرهم من دعاة التعصب من أصحاب الضحالة في العلم والجهل في مقدماته، حينها سيكون الضرر كبيراً وسيختلط الحق بالباطل والباطل بالحق.
..
شكراً لكم أيها العلماء الأفاضل، وشكراً لقضية «البدون» التي جمعتكم، وإن كانت لنا كلمة ففي مناشدتكم بعدم ترك الساحة السياسية والاجتماعية لغيركم، فمفاصل المشاكل في البلاد وعقدها وتشعب و«تشربك» خيوطها بالتأكيد ستنتهي بأيديكم، فلا تبخلوا على الناس بملء الفراغ، فهو موقعكم الطبيعي، ونبقى نحن جميعاً الرعية.مؤشر وإشارةوضع لجنة ترتيب الأولويات عن مجلس الأمة اقتراح قانون لإقرار الحقوق المدنية لشريحة المواطنين «البدون» بتاريخ 27 أبريل، أي في آخر سلم الأولويات، هو إقرار صريح من اللجنة بعدم الجدية في الحل والتقاعس في تحمل مسؤوليتهم الشرعية والوطنية والإنسانية والأخلاقية تجاه تلك الشريحة. لذا أجد أنه من الضروري للنواب العشرين الموقعين على اقتراح القانون أن يسارعوا في طلب التعامل معه بصفة الاستعجال، بعيداً عن أولويات لجنة ترتيب الأولويات. وللأمانة أستثني النائب الفاضل أحمد لاري من هذا التعاطي السلبي مع مشكلة البدون، لأنه الوحيد في اللجنة الذي وقع على اقتراح القانون، وكان مستميتاً في أن يعطي للاقتراح أولوية قصوى

أكاديمي كويتي

ليست هناك تعليقات: