
د. سامي ناصر خليفة من كل هذا السرد السابق لقضية «البدون» في الكويت ولطبيعة معالجة الحكومة لها وما آلت إليه أوضاع تلك الفئة من ترد كبير في الجوانب الإنسانية والاجتماعية والحقوقية، يمكن استنتاج مجموعة من الخلاصات والحقائق والنتائج التي تدفع باتجاه حل جذري لمشكلة «البدون» في الكويت، وهي: أولا: تعتبر الحكومة العصب الرئيسي أو العمود الفقري للحياة السياسية في الكويت، والمهيمنة على مصالح الدولة والمتكفلة برسم السياسات العامة فيها والمتحملة للمسؤولية القانونية لتنفيذ تلك السياسات أمام الأمير ومجلس الأمة، وبالتالي فإن أية تبعات سلبية أفرزتها مشكلة «البدون» تتحمل الحكومة وحدها المسؤولية القانونية والأدبية الكاملة. ثانيا: السياسة التي اتبعتها الحكومة بعيد تحرير الكويت في خلطها للبعدين الأمني والحقوقي واتباعها أسلوب الضغط المدني على فئة «البدون» سبيلا للتقليل من أعدادهم التي تفاقمت، تلك السياسة باتت هي السبب الرئيس وراء تردي أحوال تلك الفئة واستمرار معاناتهم التي أصبحت لها جوانب إنسانية انعكست سلبا على واقع المجتمع الكويتي، مما حدا بالحكومة إلى الاعتراف بصعوبة تجاوز المشكلة بالصورة التي هي عليها اليوم. ثالثا: توجيه أصابع الاتهام فيما آلت إليه مشكلة «البدون» من نتائج غاية في السلبية إلى السياسات التي اتبعتها اللجنة التنفيذية لشؤون المقيمين بصورة غير قانونية لحل المشكلة، والتي دلت في الكثير من جوانبها على مخالفتها لمبادئ الشريعة وتناقضها مع الأعراف المجتمعية وانتهاكها لروح الدستور ومواده. رابعا: جاء الوقت اليوم لتعيد الحكومة تقييم أساليبها المتبعة وجدوى الاستمرار في حرمان فئة «البدون» من الحقوق المدنية وفقا لاعتبارات إنسانية واجتماعية من جانب، وإعادة النظر أيضا في سياسة الدولة للتجنيس وفقا لاعتبارات قانونية تصب في مصلحة تماسك النسيج الاجتماعي من جانب آخر، ولن يتأتى ذلك ما لم تدرك الحكومة أهمية توفر الإرادة السياسية لكبار المسؤولين في الدولة ممن لهم النفوذ الأكبر على صناعة القرار في الكويت، والدفع باتجاه المعالجة من منظورين إنساني اجتماعي وتنموي اقتصادي. خامسا: تنامي الحضور الشعبي في حركة المطالبة بتصحيح الأوضاع الإنسانية عبر إعادة الحقوق المدنية لفئة «البدون»، والفصل بين حق أي إنسان في العيش بحرية وكرامة واستقرار، وبين شروط وقوانين الإقامة والتجنيس في الكويت. هذا التنامي الذي أثمر تشكيل لجنة برلمانية تعنى بالنظر في مشكلة «البدون» وحلها، وتشكيل أول لجنة شعبية لقضايا «البدون» في الكويت، تضم أطيافا متنوعة ومن مشارب متعددة، إضافة إلى بوادر تحرك الجيل الرابع من فئة «البدون»، باتجاه المطالبة برفع المعاناة عنهم وإنهاء هذا الملف سريعا.
مصادر: 1. غانم النجار، 1996، «قضية انعدام الجنسية في الكويت، التطور واحتمالات المستقبل»، دار ذات السلاسل للنشر والتوزيع (الكويت). 2. رشيد حمد العنزي، 1994، «مشروعية إقامة البدون أو غير محددي الجنسية في الكويت»، مجلة الحقوق، السنة الـ18، العدد الأول ص: 151-192، دار قرطاس للنشر والتوزيع (الكويت). 3. غانم النجار، ظاهرة انعدام الجنسية في العالم، 1996م، العدد السادس ص26 (الكويت). 4. الهيئة الاستشارية للجنة حقوق الإنسان، 2002م، التقرير السنوي لأوضاع حقوق الإنسان في الكويت، (الكويت). 5. عبدالرضا علي أسيري، 2004م، النظام السياسي في الكويت مبادئ وممارسات، جامعة الكويت (الكويت). 6. جاسم السعد، 1997، تقرير عن خطوات الحكومة الكويتية لحل مشكلة البدون، مجلة الدراسات السياسية، العدد 45 (القاهرة). 7. تقرير اللجنة المكلفة بدراسة أوضاع غير محددي الجنسية المنبثقة من مجلس الوزراء، جريدة الطليعة (11.8.2004) ص10-11 (الكويت). 8. فارس الوقيان، لجنة البدون في مجلس الأمة، 2006م، قضية البدون في إطار المفاهيم المدنية، تقرير في مجلس الأمة (الكويت). 9. خالد الفضلي، لجنة البدون في مجلس الأمة، 2006م، قضية البدون في إطار المفاهيم المدنية، تقرير في مجلس الأمة (الكويت). 10. سامي ناصر خليفة، 1999م، الأحزاب السياسية الإسلامية في الكويت، دار النبأ (الكويت). 11. فوزية سالم الصباح، 2006م، رسالة إلى رئيس الوزراء، مقالة في صحيفة الرأي العام، عدد 14371، (الكويت 27/10/2006م). 12. قانون إقامة الأجانب الصادر عن وزارة الداخلية، 1959م، مجلة الكويت اليوم، ص11، العدد 253 (الكويت). 13. وثيقة رسمية عن البدون في الكويت صدرت عام 1986 ونشرتها جريدة الطيعة، العدد 1592 (الكويت). 14. المذكرة التفسيرية لقانون إقامة الأجانب، 1959م، مجلة الكويت اليوم، ص13، العدد 253 (الكويت). 15. اللائحة التنفيذية لقانون إقامة الأجانب، 1965م، مجلة كويت اليوم، ص23، العدد 549 (الكويت). 16. ورقة للمناقشة حول ملف غير محددي الجنسية، نوفمبر 2006، مجموعة مراقبة الخليج، (الكويت). 17. فهد المكراد، 2005م، تطور التنمية السياسية والاقتصادية في الكويت، الجامعة العربية المفتوحة (الكويت).

تاريخ النشر : 15 اكتوبر 2008
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق